المراسل
عدد المساهمات : 25 تاريخ التسجيل : 26/01/2010 العمر : 30 الموقع : peaseegypt.ahlamontada.net
| موضوع: قادة الحركة الكشفية الجمعة فبراير 26, 2010 11:40 pm | |
| "ذكرى الفتى عمره الثاني ..." المتنبي
اسم على شفة كل شاب, يلهج به بحب, ويكاد يتغنى به تغنيا ,كأنه الأنشودة ,أو الأسطورة
أو كأنه أحدى ملاحم الدهر, تجاوبتها أقطار الأرض, ورددتها الأجيال المدوية بها, مالئة بها الأسماع والأذهان
اسم لم يمت بموت صاحبه ولن يموت لان التاريخ وهو الديان العادل ,خلده في الحياة
انه يعيش الآن بيننا عمره الثاني, ذلك الذي لا يحده زمان ولا مكان, فيقصع بقرون, ويقطع الحدود ويملأ الدنيا
عمره الثاني يعيش فيه أجيال الأحداث والشباب, يسير مواكبهم في طرق الحياة, ينفخ فيهم من روحه, يسمو بهم في مرتبة الأبطال, وفي المغامرة الشائقة التي يعيشونها, ويعيشها معهم , كل يوم ,في صميم الحياة ينتمي بادن باول إلى عائلة من عائلات بريطانيا العريقة في القدم وأننا لا نذكر عن الأجداد منها, لضيق المقام, إلا هذه الكلمة لأحدهم, هو جون باول, كتبها لابنه داود عندما تزوج: إنها برنامج عمل, وشعار حياة ,قال:"أعلمنا ,حالما تستأجر دارا لسكناك, حتى نرسل إليك بعض المؤن, واتى لأمل أن أجد, في وقت ليس ببعيد, سريرا لطفل, في دارك وأسال الله أن يبارككما, ويمنحكما أن تقولا يوما, بعد ثلاث وثلاثين سنة" ما نقوله الآن, أنا وأمك: إننا عشنا, بفضل الله ونعمته, في أتم وفاق ورخاء" تزوج داود هذا من سوسنة بادن, فظهر لأول مرة اسم بادن مقرونا باسم باول, وذلك في القرن الثامن عشر ,في مستهله ونتخطى هنا عددا من الجدود, لنصل إلى أبي بادن باول , واسمه هنري جورج بادن باول ولد أبوه عام 1796,ودرس في أكسفورد, وعين راعيا للكنيسة بلومشتت, ثم أستاذا للرياضيات في جامعة أكسفورد, وكان من علماء زمانه,وهو أول من نادى بإدخال العلوم الطبيعية في دروس الجامعة, وكان من الذين لا يرون في تقدم العلم من خطر على الديانة, وكان في حياته الداخلية من خبرة الرجال ,ولقد كتب عنه ابنه بادن باول ,عام 1915 مايلي:" بموت أمي انتهى دفتر يوميات أبي إلي, وهذا الدفتر الثمين يطلعني, بأقواله ,ورسومه, وحوادثه, أحسن إطلاع, على ما كان عليه أبي من حياة عملية, هي الحياة ذاتها التي لا ننفك نحببها إلى الكشاف: من الذهاب إلى الله عن طريق المحبة وليس عن طريق الخوف, ومن التمسك بالعقيدة والمبدأ تمسك الرجال الأشداء, ومن التحلي الفضائل الراهنة, ومن شغف يدرس الطبيعة, ومن حديث فكه وروح مرحة, ومن عطف على الغير, ومن محبة للعائلة, مما أجد له الأثر البليغ في كل صفحة من يومياته" تزوج أبوه ثلاثا, ماتت الزوجة الأولى باكرا دون أن تنجب له أولادا, وماتت الثانية هي أيضا باكرا بعد أن تركت له ابنا وابنتين, أما الثالثة واسمها هنريت كريس سميث, ابنة الأميرال وليم سميث, فقد ولدت له عشرة أولاد, مات ثلاثة منهم في سن الحداثة, وعاش الباقون طويلا, وقد تقلبوا في مختلف وظائف الدولة والمجتمع, احتلوا منها ارفع المناصب ,وكان اشهرهم بادن باول ولا بأس من كلمة عن أبيها وأمها, وهما جدا بادن باول , وقد كان لهما عليه, بحياتهما ومثلهما , التأثير الأكبر أما أبوها فكان أميرال البحر, وقد أصدر في علم الفلك أبحاثا قيمة فتحت له عنوة أبواب الأكاديمية الملكية,وكان شديدا على نفسه, لا يترك ساعة من أوقاته تذهب سدى, ويؤثر عنه قوله:" ليس المرء بحاجة إلى أكثر من خمس ساعات من النوم" وقد أصدر عددا كبيرا من التأليف العلمية كان أولاده, عندما بلغوا مبلغا من العمر, يصححون أوراقها, فينفحهم عن كل خطأ مطبعي يجدونه فيها قطعة من النقود هي لهم مصروفهم الخاصوأما أمها فكانت مولعة بالفنون الجميلة فكانت مرهفة الحس والشعور ,صادقة الذوق والنظرة, واسعة الثقافة والإطلاع, ولا عجب أن يرث الأولاد من أمهم ميلها إلى الفنون ,ومن أبيهم ميله إلى العلوم والمعارفكان مولد بادن باول ,في 22 شباط عام 1857 في لندن, ومات أبوه وله من العمر ثلاث سنوات, فقامت أمه بأعباء العائلة الكبيرة : بأولادها السبعة, وكان لأكبرهم ثلاثة عشر عاما, ولأصغرهم شهرا واحد, ثم بأولاد زوجها الثلاثة, وكان للكبرى منهم اثنان وعشرون عامالم يقتصر عملها ,بعد موت زوجها على أسباب العيش توفرها لهم وتنظمها بل قامت بما هو اشق لقد قامت بتربية أولادها وتهذيبهم على الطرق المحببة إلى زوجها, إذ كان يأخذهم إلى الحقول ليسرحون فيها ويمرحون, ويتحدث معهم عن حياة الحيوان والنبات, ويأذن لهم باللعب في مكتبه يعبثون بكتبه ومجموعاته دون أن يمد إليهم يدا, ويطرحون عليه من الأسئلة ما يعن لهم, فيجيب عليها مهما كان غارقا في الكتابة وليس من عجب أن تستلهم امرأته , في تربية أولادها ,مثل هذه الأساليب, فيقضون من الوقت في الهواء الطلق أكثر مما يقضون في مطالعة الكتب داخل جدران أربعة فيدرسون في الحقول الطبيعية,ينظرون ,ويلاحظون, ويستفهمون, ويتأملون ,وفي البيت يصرفون الجهد في كل ما يرهف الذوق ,وينبه الشعور, وينمي الحواس وكان البيت مجتمعا لأهل الفن والأدب, وقد صعد الكاتب روسكين يوما إلى غرفة الأولاد ليرى كيف يلهون, فوجد احدهم يقرأ في كتاب عن النجوم, ورأى بادن باول يرسم ,وأبدت ألام قلقها لما درج عليه ابنها من استعمال كلتا اليدين على السواء , فأجابها روسكين:اتركيه وشأنه يرسم كما يخطر له , وكما يهوى ولقد برع بادن باول حقا في استعمال كلتا يديه, فكان يرسم بالواحدة ويلون بالأخرى, أو يرسم صورتين مختلفتين في أن واحد, ولم يكن من السهل التمييز بين ما كتبه باليمنى وما كتبه باليسرى دخل, عام 1870 ,مدرسة شارتر هوس الشهيرة وكان لرئيسها ,الدكتور هايك برون, مكانة في عالم التربية, وانه حقا لنابغة في التربية, استنبط فيها طرقا لا تزال إلى اليوم قائمة, اكتسب بادن باول منها بعضها , فطبعته بطابعها الخاص, وكان لها على الكشفية وأساليبها الفضل الكبير كان الدكتور برون يعتمد في تربيته على الإنسان ذاته, وعلى إرادته, فيترك للتلاميذ مجال الحيوية, ما استطاع ,يعلمهم كيف يستعملون الاستعمال الحسن, ضمن نطاقها المشروع, وفي حدود مسؤولياتها, وكان يدرس طباع كل تلميذ على حدة, بمفرده لاعتقاده أن كل تلميذ يختلف عن غيره كل الاختلاف,ويكون شخصا فريدا, مستقلا, ولم يكن يستحث الهمم في الدروس العقلية بمقدار ما كان يوجه الحياة كلها في سبيل القويم الصحيحولنلق هنا نظرة على تلميذنا, في ذلك العهد من دراسته, انه فتى ربع القامة , احمر الشعر, دو عينين حادتين,ثاقبتين, يستلب بهما القلوب, وكان يحب كل رفاقه, دون أن يصطفي له منهم صديقا خاصا ينفرد به, لبعض الانكماش في طبعه, وبعض الغرابة في أطواره, فكأنه فريد نسجه, وكان يبدو فتى مرحا, لعوبا, ذا نكتة وطرفة, حاضر الخاطر, سريع الجواب, ولم يكن بذي تفوق على أقرانه في المدرسة, حتى أن رئيسه دون بأنه في سجل علاماته هذه الملاحظة الدقيقة:" إن إمكانياته لتفوق مأتية أعماله من نتيجة" وكان يشترك في كل الألعاب, إلا أن لعبته المفضلة كانت كرة القدم, ومع ذلك فانه لم يبرز فيها, كما انه لم يبرز في أية لعبة غيرها, مما جعله في مأمن من الدهن و الزلفى, يتعرض لهما كل ذي شأن في أمر, وكل مجل في ميدان إلا انه كان يعنا عن ذلك بفن التمثيل, فكان هوايته المحببة, وقد بدأ يتمرس فيه بين ذويه في البيت, وبلغ به الأوج في المدرسة, فكان حقا بارع التمثيل ,والتقليد, والمحاكاة, وكل ما إلى ذلك, لا يجاريه فيها من أقرانه احد, وكان الدكتور برون, ولفيف المعلمين ونسائهم يهيئون للتمثيل وهم جميعا اشد ما يكونون ولعا بهذا الفن, وإيمانا بفائدته التربوية , وكان لبادن باول في كل حفلة, وفي كل مسرحية ,ويروي الدكتور برون عنه, فيما بعد, الحادث التالي:"تأخر احد ذووي الأدوار, في حفلة ,عن ميعاده, بحيث طال الانتظار, وضج الحاضرون, فالتفت إلى بادن باول, وكان جالسا بالقرب مني, وقلت له : يجب أن تقوم بعمل ما نلهي به الناس ,بانتظار الغائب, ألا تستطيع أن تملأ الفراغ بشيء من عندك ترتجله ؟" وقفز بادن باول على الفور إلى المسرح, وابتدأ بسلسلة من ذكريات طريفة عن المدرسة سرد فيها, وقلد ,وسخر ,وهرج, فأثار عاصفة من الضحك لم تهدأ بعاصفة غيرها من الهتاف والتصفيق "وكانت المدرسة أيضا مسرحا لنشاط من نوع أخر, يسترق الطلاب الخطى إليه استراقا, يقومون به الخفية, بعيدا عن أعين الرقباءهي الغابة الكثيفة الفاتنة مسرح هذا النشاط الخفي, وقد امتدت رهيبة, غامضة, وراء باحات اللعب, إلى حيث يقع النظر, لقد كان لها على كل فتى مغرم بالطبيعة تأثيرها, وسرعان ما اكتشف بادن باول سحرها, وفتنتها ,وأسرارها, ومفاجأتها, وكانت الأصوات التي تنبعث منها في ليالي الشتاء العاصفة تملاء الأفاق, وتأخذ عليه السبل لقد وجد بادن بول في هذه الغابة,التي جاورت المدرسة, ما حرك فيه كل ساكن, فبعث فيه الشواغر والخيال, وأثار فيه الرهبة والرغبة ودعاه إلى حب الحياة والكفاح في سبيلها لقد وجد فيها أهم عناصر الكشفية, وهو يذكر ذلك في مقالة كتبها يوم احتفلت المدرسة بمرور خمسين سنة على خروجها من المدينة إلى الريف,قال:"لكأني أحيا ذلك في الأمس القريب, وليس الخمسين سنة انقضت, فأراني في الغابة التي تمتد أمام شرترهوس الجديدة, أتعلم أن انصب الفخاخ للأرانب, وان اشوي غنيمتي على نار ضعيفة, وان اضرب بفأس الضربة المحكمة, وان اعبر فجوة من الأرض فوق جسر من شجرة مقطوعة, وان امشي بين الأدغال دون أن يرتفع لقدمي صوت, وان انس بالعصافير والحيوانات أتقرب إليها متوددا ولا اقتحمها اقتحام عدو مهاجم, وان أخفى أثار خطواتي, وان أتسلق شجرة, فأبقى بين أوراقها مخنوق النفس, ساكن الحركة, إلى أن يمر تحتها من أقطاب المدرسة من يمر متناسيا أنهم قد يرفعون إلى النظر,لإبل أنهم قد يكونون على علم بوجودي على الشجرة, إنما يتغاضون, فيمرون مر الكرام, لا يرفعون إلى فوق من نظر, خوفا من أن تقع العين على العين.. ثم الطيور, والحشرات والدبابات, وكل ما هب ودب ,وقد كنت اكتشف مكامنها, وارصد حركاتها, وادرس طباعها, ذكريات تمر الآن أمام عيني, وكأنها من وقائع الأمس , كم أحببت في حداثتي كرة القدم, والرياضة ,والجري ,والعدو لقد مضت كلها مع أوقاتها, ولم تترك بعدها في قلبي إلا ذكريات , تمحوها الأيام ذكرى بعد ذكرى ,أما الغابة ,والساعات التي قضيتها فيها أتصيد,واكتشف وانظر , وأتأمل , واشعر, فإنها لا تزال حية في نفسي, فلقد علمتني أن اكتشف لذة الحياة ونعيمها "وكانت العطلة المدرسية تتيح له الفرصة ليزاول نشاطا من نوع أخر, فكان يقضيها مع إخوته على الماء, في يخت لهم من صنع أيديهم, يتولى قيادته أكبرهم, وارتكنون, البالغ من العمر يومئذ ثلاث وعشرين عاما, وعندما استأجرت الأم منزلا للصيف على نهر الواي, قرر الإخوة أن يذهبوا إليه على ظهر يختهم, ف به نهر التاميز, ثم نهر السيفون ,وأخيرا نهر الوادي في رحلة طويلة ممتعة, حفت بها المصاعب من كل جانب وراق الإخوة مثل هذه الرحلات, فقاموا بغيرها, على ظهر سفينة اكبر, وفي مجالات أوسع, فقطعوا بها شواطئ اسكوتلاندا,وإنكلترا , حتى النرويج مقتحمين الأخطار والأهوال, وكم من ليلة أحيوها يصارعون الأمواج, ويعاركون العاصفة, وارتكتون على دفة القارب يديره بحزم ومهارة , يصرخ بأوامره إلى كل الجهات, بصوت أقوى من الرعد, وأقوى من الريحولقد وصف بادن باول بعدئذ مغامرات حداثته بقوله:" لئن كنت شغفا بخوض البحار, على ظهر اليخت, مع إخوتي, فاني لم أكن اقل شغفا بالسير على الأقدام, والضرب مشيا في البلاد الواسعة, طولا وعرضا, ولقد قمنا مرارا, أثناء العطلة الكبرى, بالطواف في بلاد ألغال, واسكوتلاندا, والعصا بيدنا والكيس على ظهرنا, نقضي معظم الليالي في العراء, تحت القبة الزرقاء, وكنا نشتري من المزارع التي تقع على طريقنا ,ما نحتاج إليه من حليب وخبز وسمن و بيض و ولم يكن بألذ لدينا من التجول في الريف الجميل, نقطع السهول الخضراء والغابات الكثيفة, نتسلق الجبال, ونهبط الوديان, ونلتقي بأنواع من الطير والحيوان والنبات, فكان المخطط يقود أقدامنا في النهار, وكانت النجوم تنير سبلنا في الليل, وكنا نرسم صور القصور, والأديرة, والمعابد, وغيرها من المباني الأثرية التي كنا نمويها, مستفهمين من السكان عن أصلها,وتاريخها, وحكاياتها, وأساطيرها, وعندما يبلغ بنا المسير إلى أحدى المدن الكبرى, كنا نزور احد معاملها, لنرى كيف يتم العمل فيه, فنشاهد كيف يتحول الصوف نسيجا والشجر أوراقا, وكيف يستخرج الحديد من جلاميد الصخور, وكيف تنشأ البنايات وترتفع الصروح, وتدار الآلات, وتستخدم الكهرباء .. فنتعلم هكذا أشياء كثيرة نلم بها عن المهن والحرف بعض الإلمام, ونمارس بعضها ممارسة خبير قدير" ولما بلغ, في عام 1876 التاسعة عشرة من عمره, وكان على وشك أن ينهي دروسه في شارترهوس, أخذت مشاكل المستقبل تقلق باله, لا يدري أي سبيل إليه يسلك, ولم يكن في عائلته من تقليد عريق يتمشى عليه, فلقد ضمت, على مدى الأجيال ,الفلاح, والتاجر, والمحامي, والحاكم, والمصرفي, والراعي, والضابط,والبحار..واستشاره في غمرة حيرته, هذا وذاك من أصدقاء أبيه, ومن معلميه فاتت النصائح متضاربة لا تجمع على أمر وطلب ,أثناء ذلك الانخراط في سلك الجيش وقدم الامتحانات المقررة ,وراح ينتظر وهو ضعيف الأمل بالنجاح وإذا به يقرأ ,ذات يوم في الجرائد, انه قد نجح نجاحا باهرا ,وانه ...........في الخيالة,والرابع في المشاة, من سبعمائة طالب تقدموا بالامتحانوفي الحادي عشر من ايلول من عام 1876 صدرت إليه الأوامر بالالتحاق ,برتبة ملازم أول,بفوج الخيالة الثالث عشر, المرابط يومئذ الهند عباب..جر إلى بومباي [b]وفي الثلاثين منه كان فوق ظهر الباخرة " سيرابيس" يمخر[/b] | |
|